رئيس الوزراء البريطاني يحذر مواطنيه: أسابيع صعبة للغاية قادمة في مواجهة فيروس كورونا سكرتير ولاية جورجيا: البيانات لدى الرئيس خاطئة ويقول إن مئات الناخبين الموتى صوتوا لكننا عثرنا على اثنين فقطالتحالف الدولي يدفع بعشرات الشاحنات المحملة بالأسلحة نحو قواعده في الحسكة الأمين العام لمنظمة أوبك : الطلب قد يرتفع لـ 96 مليون برميل يوميا في 2021 من 90 مليوناً في 2020 الجيش التركي يطلق مناورات وتدريبات عسكرية في 3 مواقع مختلفة بالبحر المتوسط بداية من اليوم وحتى 8 كانون الثانيوكالة الأدوية الأوروبية قد تصدر قرارها حول لقاح موديرنا الاثنين المبعوث الأميركي الجديد الى سوريا: واشنطن تسعى للحد من النفوذ الإيراني في سوريا وهذه مهمتي الولايات المتحدة: الحرس الوطني ينتشر في واشنطن قبل 48 ساعة من تظاهرة مؤيدة لترامبالسجن 3 سنوات مع النفاذ لمدون جزائري نشر رسوما هزلية عبر الانترنتوفاة الياس الرحباني تطوي صفحة الجيل الأول من عائلة طبعت الفن اللبنانيأنصار الحشد الشعبي في العراق يرددون هتافات معادية لأميركا في ذكرى اغتيال سليماني والمهندسالكويت تعلق الرحلات المباشرة من المملكة المتحدة وإليها اعتبارا من الأربعاءالإمارات تعتزم شراء المزيد من أنظمة المراقبة الجوية من السويدنتنياهو: تخصيب اليورانيوم الإيراني يهدف لتطوير أسلحة نوويةلبنان يفرض عزلا عاما لثلاثة أسابيع لمكافحة انتشار فيروس كوروناعلماء بريطانيون يتخوفون من ان يكون لقاح كورونا غير فاعل في الحماية من الجيل المتحور من الفيروسناقلة نفط ترفع علم كوريا الجنوبية متجهة الى الإمارات العربية المتحدة تدخل المياه الاقليمية الايرانية وسط مخاوف من ان تكون تعرضت للخطف محكمة بريطانية تمنع تسليم مؤسس موقع ويكيليكس جوليان اسانج الى الولايات المتحدة الاميركية مجلس الامن في اجتماع سري: لبنان في المرحلة الاخطر وجودياموفد روسي قريباً في لبنان: ملف النازحين السوريين وإعادة إعمار مرفأ بيروت

المشهد الجيوسياسي الجديد في الشرق الأوسط

د. خطار أبو دياب - الإثنين 04 كانون الثاني 2021

شهد الشرق الأوسط “الملتهب”، في العام المنطوي، المزيد من تفاقم الصراعات واستمرار محاولة تغيير الخرائط في نزاعات النفوذ والطاقة. وعلى الأرجح سيكون العام 2021 على موعد مع تحولات أخرى على ضوء وصول إدارة أميركية جديدة وسيمكننا من رصد حصاد إدارة دونالد ترامب لجهة إعادة رسم المشهد الجيوسياسي من خلال اتفاقيات التطبيع العربية – الإسرائيلية، وكذلك مدى نجاح إيران في الحفاظ على مكاسبها الإقليمية، وقياس الاختراقات التركية من المتوسط إلى القوقاز.

تدلل بانوراما العام 2020 على استمرار الزمن العربي الصعب بعد عشرية الانتفاضات والتحوير الأيديولوجي والفوضى التدميرية. لكن إعادة تركيب الشرق الأوسط، الهدف غير المعلن للعبة الدولية الكبرى منذ 2003، أخذ يتحقق وينتظر لمساته الأخيرة والأهم ألا تدفع بعض الدول العربية (مثل لبنان) ثمن الصفقات الكبرى وأن تتم إقامة نواة “نظام المصلحة العربية” قبل فوات الأوان.

بدأ العام 2020 بعملية اغتيال الجنرال قاسم سليماني وصحبه في بغداد وانتهت بتصفية الجنرال الركن محسن فخري زادة في طهران والتوتر الإيراني – الأميركي في الخليج وفي آخر فترة إدارة ترامب. وابتدأ العام 2020 بتحركات تركيا في شرق المتوسط واتفاقيتها مع حكومة طرابلس وتدخلها في ليبيا ومنذ أواخر سبتمبر الماضي وصل التمدد التركي إلى جنوب القوقاز. أما الحدث الأهم في الشرق الأوسط خلال العام 2020، وربما منذ فترة طويلة كان التطبيع بين إسرائيل ودول عربية أساسية في العمق.

من خلال مراقبة تطور الأوضاع والنزاعات منذ نهاية الحرب الباردة حتى حرب ناغورني قرة باخ، يتضح لنا ترابط الرهانات والحسابات الاستراتيجية وتجاوز الشرق الأوسط المصغر بصيغة المشرق أو المشرق العربي، إلى “الشرق الأوسط الكبير” الممتد نحو تركيا وإيران وشمال أفريقيا وباكستان (الصيغة التي حددتها واشنطن خلال حرب العراق في 2003، والتي جرى ترتيب القيادة المركزية للولايات المتحدة – مقرها قاعدة العديد في قطر – على أساسها) وصولا إلى “الشرق الأوسط الأكبر” الذي يضمّ أيضا جمهوريات إسلامية كانت خاضعة للاتحاد السوفييتي في بعض آسيا الوسطى وجنوب القوقاز. وإذا كان هذا المسرح المترامي الأطراف يمتد من غرب آسيا ووسطها إلى شمال أفريقيا، فإنه أخذ يتصل بصراعات البحر الأحمر والقرن الأفريقي مع أثيوبيا التي بدأت تصبح محور التوترات بدءا من على سدود النيل إلى فسيفساء عرقياتها وجوارها.

وممّا لا شك فيه أن “الشرق الأوسط الأكبر” سيبقى من أبرز مسارح النفوذ والصراعات الإقليمية والدولية لأنه بالرغم من التراجع الأميركي منذ حقبة أوباما، يتضح أن الولايات المتحدة ليست في وارد الخروج من المنطقة التي يشكّل استقرارها “مصلحة حيوية لها ولأمن واستقرار حلفائها وشركائها فيه وخارجه”. أما روسيا التي عادت عبر البوابة السورية وتتمركز في طرطوس وحميميم والقامشلي، يمتد اهتمامها إلى ليبيا واللافت استراتيجيا كان توقيعها مع السودان (خلال حقبة عمر البشير وستبرز ربما إشكالات مع الحكم الجديد) اتفاقا مدته 25 سنة لتأسيس مركز لوجيستي بحري وصيانة في بورسودان.

بذلك يكون لروسيا ولأول مرة منذ عقود وجود عسكري على البحر الأحمر وفي شرق أفريقيا. أما الصين التي أنشأت في جيبوتي أول قاعدة عسكرية بحرية صينية وراء البحار، فتستمر عبر وسائل “القوة الناعمة” في توطيد توسعها الاقتصادي عبر “طرق الحرير الجديدة” التي تعتبر هذه المنطقة من أهم مجالاتها الحيوية. وفي السياق الدولي، يستمر الاهتمام الأوروبي وخاصة من جانب فرنسا التي تحث حلفاءها على عدم خسارة المواقع والمصالح من شرق المتوسط إلى القارة السمراء.

من الجلي في سياق الصراعات الدائرة، أن تركيا وروسيا وإيران وإسرائيل قامت بتسريع الخطى في السنوات الأخيرة من أجل ملء فراغ انسحاب واشنطن أو إعادة النظر في سياساتها. يمكن الكلام عن مشاريع إمبراطورية لبلاد مسكونة بأمجادها التاريخية من ورثة القياصرة إلى ورثة العثمانيين والفرس إلى مسعى إسرائيل لتوظيف تحوّلها من دولة مطوّقة وصغيرة إلى دولة وازنة وفق معايير التقدم العلمي والتكنولوجي والعسكري، وذلك باتجاه تبادل مصالح مع دول عربية غيّرت نظرتها إلى أولويات الخطر الوجودي بسبب التوسعين التركي والإيراني على حساب الدول الوطنية العربية وأمنها القومي.

ضمن الاشتباك أو المساومة بين الأطراف الإقليمية غير العربية النافذة منذ 2003، تتأكد الخشية على حلقات ضعيفة مثل مشروع الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، أو المملكة الأردنية الهاشمية التي كادت تخسر وظيفتها الجيوسياسية إبان إدارة ترامب، وأيضا لبنان الدولة الشبيهة بـ”تيتانيك” الغارق من دون أوركسترا ومن دون قبطان في ظل إنكار منظومته المتحكمة وربطه بمحور إيراني أبعده عن عمقه العربي وعزله دوليا. ولذلك لا يكفي البكاء على الأطلال حول غياب دور لبنان التاريخي حيث كان منبر العرب الثقافي ومساحة الحريات وكذلك البنك والمرفأ والمستشفى. وتكفي عودة لبنان كما كان في حقبة فؤاد شهاب “دولة مساندة” وليس “دولة مواجهة” كي يسترجع موقعه العربي والدعم الدولي وفق عنصر القوة الأساسي فيه أي نموذج العيش المشترك الإسلامي – المسيحي. وهذه الفكرة اللبنانية هي أفضل نواة لاستعادة الدور وبدء مشروع الإنقاذ.

ليس لبنان حالة منفصلة في حدّ ذاتها بل إن باقي كيانات “سايكس بيكو” توجد في حالة صعبة، إذ تستمر المأساة السورية وتتجاوز عقدا من الزمن، ويبدو درب إعادة بناء الدولة العراقية عرضة لكل التجاذبات. وهذا التفاقم والتداخل للصراعات وكثرة عدد اللاعبين لن تسهل المهمة من ليبيا إلى اليمن. ويصعب في ظل هذا الازدحام والتهافت بلورة حصاد يقوم بفرز الرابحين والخاسرين في مواجهات السنة 2020 التي كانت الأسوأ عالميا بسبب تداعيات جائحة كورونا، لكنها كانت عسيرة ودموية في “الشرق الأوسط الأكبر” الذي سيستمر فيه مخاض ولادة نظام إقليمي جديد لن يبصر النور بسهولة وذلك بسبب موازين القوى المتغيرة ونوعية الحروب الجديدة وتنوع رهانات الأطراف. لكن العام 2021 سيؤكد استمرار انتكاسة وبدء نهاية حقبة التمدد الإيراني، ستكون السنة القادمة أصعب بالنسبة إلى طموحات أردوغان بعد انكشافه الواسع وبدء الضغط الأميركي والأوروبي عليه ولو بخجل حتى الآن.

خلال العشرية الأخيرة، اعتقد الشباب العربي على حق أن زمن التغيير أتى ولا بدّ من صياغة مشروع نهضوي يضمن غدا أفضل للإنسان العربي. لكن بغض النظر عن جدل التسميات ومدى ثقل العامليْن الخارجي والديني، تتوجب الإشارة إلى غياب قوى التغيير لكي تحمل المشروع النهضوي، وكذلك عدم وجود ثقافة الديمقراطية والاعتراف بالآخر. من خلال النقد الذاتي والواقعية والابتعاد عن الأيديولوجيات يمكن التوفيق بين التطوّر الديمقراطي التدريجي والحفاظ على الدول الوطنية وفق رؤية عصرية ونظام من المصلحة العربية المشتركة، حتى لا يكون العرب من الخاسرين في إعادة رسم مشهد جيوسياسي لإقليمهم من دون مشاركتهم البناءة والفاعلة.